الخميس، 13 أكتوبر 2011

تقرير: تواصل التعذيب في تونس


 

إيمان مهذب-تونس

طيلة عقدين من حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي كانت السجون والمعتقلات في تونس مسرحا لممارسة شتى أنواع التعذيب بحق السجناء وخصوصا السياسيين منهم.

وجاءت ثورة 14 يناير/ كانون الثاني لتكشف عن هول تلك الممارسات الممنهجة، وتمنح التونسيين أملا في القطع مع هذه الحقبة القاتمة من تاريخهم نهائيا.

لكن الإرث ثقيل، وتراكمات الماضي تبدو في حاجة لمزيد من الوقت من أجل تجاوزها وتأسيس ثقافة جديدة تستند إلى احترام كرامة الإنسان وصونها.

فلم تكن تعهدات الحكومة المؤقتة باحترام حقوق الإنسان والحرمة الجسدية للموقوفين والسجناء، ومصادقتها على عدد من البروتوكولات والمواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب، حائلا دون استمرار ممارسة التعذيب بعد الثورة.

"
 منذر الشارني: المادة التي تم إصدار التقرير على أساسها بمثابة شهادات للضحايا واستقصائيات ومعلومات تم تجميعها من جهات مختلفة والتأكد من مصداقيتها
"
لا شيء تغير
وتحت عنوان "التعذيب تواصل بعد الثورة" أكد تقرير للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب أن التونسيين لم يتخلصوا من تلك الممارسات رغم مرور أكثر من ثمانية أشهر على اندلاع ثورتهم، مشيرا إلى أن حالات الانتهاك التي تم رصدها لا تختلف عن تلك التي كانت ترتكب بحق السجناء زمن الرئيس المخلوع.

ورصد التقرير الذي جاء في 27 صفحة حالات الانتهاك المسجلة والأوضاع الراهنة بالسجون والاستخدام المفرط للقوة لتفريق الاحتجاجات السلمية، مسلّطا الضوء على ما جاء في بعض الأحداث التي جدت بالقصرين (وسط غرب البلاد) وسليانة (شمال غرب) وجبنيانة (جنوب).

وأكد المشرفون على التقرير أن عملهم لا يشمل جميع الحالات التي حصلت بعد الثورة، موضحين أنه تم نشر الحالات الثابتة والموثقة فقط احتراما للحقيقة والمصداقية.



وقال الكاتب العام للمنظمة منذر الشارني للجزيرة نت إن المادة التي تم إصدار التقرير على أساسها بمثابة شهادات للضحايا واستقصاءات ومعلومات تم تجميعها من جهات مختلفة والتأكد من مصداقيتها، مشيرا إلى صعوبة العمل المنجز لطبيعته الميدانية وللتفاصيل التي حدثت في أماكن مغلقة.

وأكد الشارني أن تواصل التعذيب بالوتيرة نفسها امتداد لعهد الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة والمخلوع بن علي، داعيا إلى احترام حقوق التظاهر والاعتصام وغيرها، وإصدار تعليمات واضحة للسجون وقوات الأمن والجيش باحترام حقوق الإنسان وعدم انتهاك الحرمات.

راضية النصراوي حذرت من فشل الانتخابات المقبلة في ظل استمرار التعذيب
إرادة سياسية
ويتساءل التقرير حول مدى التغيير الحاصل في تونس ما بعد الثورة بمجال حقوق الإنسان، في ظل ما تم كشفه من شهادات تؤكد استمرار التعذيب والضرب والتنكيل.

فقد وصفت رئيسة المنظمة راضية النصراوي تواصل التعذيب بعد ثورة 14 يناير بالأمر للمفزع للتونسيين، معتبرة الحكومة الحالية تفتقد للإرادة السياسية من أجل وضع حد لتلك الممارسات.

وأضافت أن الوضع سيبقى على ما هو عليه إذا لم تتم إحالة "الجلادين" والذين تورطوا في تعذيب التونسيين والتونسيات بعهد بن على والعهد الحالي على القضاء.

وحثت كل التونسيين على فضح ممارسات التعذيب حتى تتم المحاسبة، ورأت أنه لا يمكن الجزم بأن انتخابات المجلس الوطني التأسيسي المقررة يوم 23 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري ستدور بشكل عادي في ظل تواصل الانتهاكات.