السبت، 14 يناير 2012

المثقف الليبي والمرحلة الانتقالية



بحث أكثر من مائة مثقف وكاتب وشاعر وسياسي ليبي من مختلف التوجهات الفكرية مجمل التحديات الثقافية والسياسية والاستحقاقات الدستورية وتصورات المصالحة الوطنية، خلال ملتقى "المثقف الليبي ومهام المرحلة الانتقالية" برعاية وزارة الثقافة وهيئة تشجيع الصحافة، على أمل وصول أفكارهم إلى عموم الناس خلال الفترة المقبلة.

وأعلن المشاركون في ختام الملتقى الذي انتهت أعماله أمس الجمعة، أنهم على استعداد لتوظيف إمكانياتهم الفكرية في خدمة التحولات الجذرية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع حرصهم على دعم الحريات وحقوق الإنسان والسلم الاجتماعي.

عبد الرحمن هابيل دعا إلى نبذ
ثقافة الكسل والتصعيد والجمهرة (الجزيرة نت)

خطاب تغيير
وتحدث وزير الثقافة عبد الرحمن هابيل في اليوم الأول للملتقى، معبرا عن أمله في تأسيس خطاب جديد ورؤية تكشف عما تبقى من ثقافة الطغيان، وترصد ما بقي من أساليب التخوين والتهميش واستباحة المال العام، داعيا إلى العمل بجدية على نبذ ثقافة الكسل والتصعيد والجمهرة.

ووصف هابيل في تصريح خاص للجزيرة نت دور المثقف الحالي بأنه يشبه إلى حد بعيد دور الثوار في جبهات القتال إبان الثورة المسلحة. ودعا المثقفين إلى إدراك خطورة المرحلة، والقيام بدور طليعي في خدمة المصالحة والعدالة الانتقالية واقتراح الحلول الملائمة.

من جهته قال رئيس اللجنة التحضيرية للملتقى إدريس المسماري في كلمة إن المتلقى بادرة أولى للحوار والنقاش حول المهام الجسام التي ينتظرها الوطن الليبي، ومحاولة التبصر للخروج من الأنفاق الضيقة ووضع خارطة طريق ليبية تؤسس لدولة تتعايش فيها كافة الآراء والاختلافات.

وخلال الملتقى عبر مثقفون في لقاءات مع الجزيرة نت عن تصوراتهم للدور المستقبلي للمثقف، ودعت الكاتبة الليبية وأستاذة العلوم السياسية عبير أمنينة المثقفين إلى الخروج من أنشطة الفنادق الفارهة والقاعات المغلقة والنزول إلى رجل الشارع العادي، وحذرت من استمرار التعالي على المواطن.

وتحدثت عن أزمة بين المثقف ورجل الشارع، مشيرة إلى أن المواطن ما زال ينظر بريبة إلى دور المثقف باعتباره لا يقدم حلولا، مؤكدة استمرار صورة المثقف النمطية عند المواطن بأنه خادم للسلطة السياسية.

وأكدت أمنينة أن على المثقفين الليبيين دورا كبيرا في تغيير هذه الصورة، والبحث عن آلية عملية للوصول إلى هموم الناس بدلا من إصدار البيانات والتوصيات.

الهادي بوحمرة: هناك تضارب في الأفكار وعدم وضوح للرؤية لدى المواطن (الجزيرة نت)

نشر الوعي
وحسب الكاتب فتحي نصيب فإن مهمة المثقف الحالية تتمثل في نشر الوعي الثقافي والسياسي، وتمكين الموطن من فهم طبيعة المرحلة وآلياتها من الانتخابات إلى الدستور والحقوق والواجبات، مؤكدا أن واجب المثقفين الوطني والطليعي تعميق فكرة بناء الدولة الحديثة.

ويرى نصيب أن أكبر تحدٍّ الآن هو كيف ننجز ما قام به الآخرون في عدة عقود خلال سنوات قليلة.

بدوره قال الحقوقي عمران بورويص إن على المثقفين سبر أغوار المواطن لمعرفة خياراته السياسية قبل طرح مشروع الدستور في استفتاء عام.

من جهته أشار الناشط الحقوقي والكاتب الهادي بوحمرة إلى إشكالية تضارب الأفكار وعدم وضوح الرؤية وتنازع الأيدولوجيات لدى المواطن، مشيرا إلى أن الصراع الأيدولوجي بدأ مبكرا قبل بلوغ المواطن مرحلة فهم ما يجري على الساحة.

وتقول الشاعرة وأستاذة العلوم السياسية أم العز الفارسي إنها تشعر بالتفاؤل بعد سنوات من اليأس، باعتبار أن هذه لحظات تاريخية يعيشها المثقف "المقموع" في العهد السابق.

وأشارت إلى أن أربعة أجيال كانت غائبة عن الوعي، وأن المواطن الليبي بقي كائنا أجوف -على حد تعبيرها- وأن المثقف حينها كان الوحيد المشغول بالشأن العام.

وأوضحت الفارسي أنها تتحدث هنا عن مثقف لم يلوث جيبه ولا يده بأموال القذافي، وهي لا ترى في من كتبوا عنه وعن أفكاره رجال ثقافة وفكر.

وبينما دافعت الحقوقية هناء القلال عن قدرة المثقف على الوصول إلى أهدافه بعد عقود من التهميش والإقصاء، قال الشاعر السنوسي حبيب إن الفرصة مواتية للعمل في أجواء الحرية بدون عوائق، في حين أشار الشاعر صالح قادربوه إلى أن التحديات ما زالت كبيرة أمام شريحة المثقفين، متمنيا إفساح المجال لعقلانية متأنية وإرساء قيم الهوية.