الاثنين، 10 أكتوبر 2011

مقتل العولقي يثير تساؤلات عديدة

مقتل العولقي يثير تساؤلات عديدة

أنور العولقي في إحدى المقابلات (الأوروبية)

تناولت الصحف الأميركية بشكل موسع موضوع مقتل المواطن الأميركي من أصل يمني أنور العولقي في غارة أميركية باليمن، وقالت نيويورك تايمز في مقال كتبه سكوت شَيْن أن مقتل العولقي أثار من جديد مسألة صيانة القانون والحريات المدنية في ظل مكافحة الإرهاب.
ويبرز الكاتب تعارض وجهات النظر والجدل الذي أثارته قضية العولقي منذ البداية، فبينما اعتبرته الولايات المتحدة عنصرا التحق بتنظيم معاد في وقت الحرب هو تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، وهذا ما يبرر استهدافه بالقتل أو الأسر، رفع ناشطو الحقوق المدنية والجالية الأميركية المسلمة علامات استفهام كبيرة بشأن قرار الحكومة الأميركية قتل مواطن أميركي دون محاكمة، بل واعتبروا أن هذا العمل لا يعدو كونه عملية إعدام ميدانية بدون محاكمة.
من جهة أخرى يشير الكاتب إلى الانزعاج العميق الذي أبداه اتحاد الحريات المدنية الأميركي على لسان جميل جعفر نائب رئيس القسم القانوني في الاتحاد والذي اعتبر أن الغارة الأميركية التي قتلت مواطنين أميركيين هما العولقي وسمير خان قد خرقت جميع القوانين الدولية والأميركية، وأن الحكومة قتلت مواطنين أميركيين اعتمادا على معلومات استخبارية أبقيت طي الكتمان "ليس فقط بعيدا عن أعين الجمهور بل بعيدا حتى عن أروقة المحاكم".
وينقل الكاتب عن أستاذ القانون بجامعة تكساس روبرت تشيسني قوله إن عملية استهداف العولقي قانونية، لكنه اعترف في الوقت ذاته أن العملية أثارت زوبعة من الخلافات في الأوساط القانونية بشكل عام.
الحكومة الأميركية تبرر اغتيالها العولقي بكونه يشكل تهديدا على حياة الأميركيين، وبأنه يقاتل في صفوف العدو، وبصعوبة القبض عليه حيا في ظل الفوضى في اليمن
ثلاث نقاطوتستند الحكومة الأميركية في تبريرها اغتيال العولقي إلى ثلاث نقاط هي:
1- أن العولقي كان يشكل تهديدا مباشرا لحياة المواطنين الأميركيين، بعد تورطه في محاولة تفجير طائرات مدنية أميركية.
2- أنه كان مقاتلا في صفوف العدو في المعركة المسلحة ضد تنظيم القاعدة.
3- أن الفوضى التي تعم اليمن جعلت مسألة القبض عليه أمرا غير قابل للتحقيق.
ويعتبر العولقي أول مواطن أميركي يدرج على لائحة وكالة المخابرات المركزية لزعماء تنظيم القاعدة المطلوب قتلهم أو أسرهم.
ويجادل مسؤولو الوكالة بأن إدراج أي شخص على اللائحة لا يتم إلا بعد أن تستوفى جميع الدراسات والتحقيقات القانونية اللازمة، ولكون العولقي يحمل الجنسية الأميركية فإن إدراجه على اللائحة استلزم المزيد من الإجراءات القانونية، إضافة إلى الحصول على موافقة مجلس الأمن القومي.
صحيفة لوس أنجلوس تايمز من جهتها أشارت إلى أن العولقي كان يطمح ليصبح قبلة الشباب الراغب في الجهاد ورمزهم الخالد.
وأشارت الصحيفة إلى تعليق الإمام الجوهري عبد الملك في وصف العولقي على أنه "شخص يتمتع بقوة جذب وسحر من نوع خاص".
العولقي كان مولعا باصطياد الأسماك الكبيرة ومشاركة صيده مع الجيران،  وفي المسجد الذي كان يؤم الصلاة فيه كان يستمتع بلعب كرة القدم مع الأطفال والشباب الصغار
اصطياد الأسماكوتتطرق الصحيفة إلى شخصية العولقي بالقول: بينما كان يعيش في سان دييغو في تسعينيات القرن الماضي كان مولعا باصطياد الأسماك الكبيرة ومشاركة صيده مع الجيران. وفي المسجد الذي كان يؤم الصلاة فيه، كان يستمتع بلعب كرة القدم مع الأطفال والشباب الصغار.
بمظهره الفريد بنظاراته الراقية ولغته الإنجليزية الطلقة، أصبح العولقي ظاهرة في الاستقطاب حتى سمي "عازف الناي بايد" وهي شخصية طارد فئران من القرون الوسطى رفض أهالي مدينة في ألمانيا أن يدفعوا له لقاء خدماته، فانتقم منهم بأن كان يستقطب الأطفال بعزف الناي بدل الفئران. والطفل الذي يستقطبه "بايد" يذهب ولا يعود. والتشبيه يأتي من وقوع عدد لا بأس به تحت تأثير الرسائل الصوتية والمرئية التي كان يبثها العولقي على الإنترنت، والتي جعلت الكثير من الشباب في الغرب يغادرون منازلهم للالتحاق بالجهاد بلا عودة.
محط الأنظاروبالعودة إلى صحيفة نيويورك تايمز ومقال الكاتب شين، فإن العولقي أصبح محط الأنظار لأول مرة عام 2009 عندما كال المديح للضابط الأميركي من أصل عربي نضال حسن الذي أطلق النار على زملائه في قاعدة أميركية وقتل 13 شخصا.
ويلفت الكاتب النظر إلى الاختلاف الجذري بين العولقي والزعيم الراحل لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن، حيث لا يستخدم العولقي اللغة العربية مثل بن لادن بل يستخدم الإنجليزية، وتمكن من صياغة رسائل هزت وجدان الكثير من مسلمي الغرب بلغتها القوية.
ويعلق شين على رسائل العولقي بأنها تترك أثرا عظيما وخلقت أسطورة إلكترونية لها الكثير من الأتباع والمريدين الذين سيعتبرون أن النهاية التي آل إليها العولقي ستضيف على أسطورته طابع الشهادة المميز.