الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

الطلاب اليهود يرفضون الديمقراطية

وزير التعليم الإسرائيلي جدعون ساعر (وسط) أثناء اجتماع حث فيه على المضامين اليهودية (الجزيرة)

وديع عواودة-حيفا

يشكو معلمون وباحثون إسرائيليون من صعوبة زرع القيم الديمقراطية لدى طلابهم اليهود، ومن تبنيهم أفكارا قومية ودينية متطرفة تبلغ حد الفاشية، ويحمّل فلسطينيو الداخل وبعض المراقبين يهود إسرائيل مسؤولية كبيرة عن تطرف الشبيبة.
ويشير معلمو المدنيات والمواطنة اليهود إلى أن أحاديث تتم داخل مدارسهم حول التسامح وحقوق الأقلية، تنتهي عادة بألفاظ عنصرية وشتائم عنصرية ضد العرب.
وتساءل هؤلاء في مؤتمر تربوي في جامعة "بار إيلان" جرى الاثنين، كيف تمكن التربية على المساواة وعلى قوانين تحظر التمييز العنصري في وقت يواصل فيه الحاخامات إصدار فتاوى تحرّم تأجير الطلاب العرب شققا سكنية.
كراهية العرب
ويوضح معلمو المدنيات اليهود في المدارس الرسمية الدينية أن دروس المواطنة تكشف عن مواقف تزداد تطرفا تجاه كل ما هو عربي وتجاه الأقليات.
كما ينبه هؤلاء إلى اتساع مشاعر الاغتراب لدى أبناء الشبيبة اليهودية حيال الدولة، مؤسساتها والنظام القضائي فيها.
جانب من مؤتمر معلمي ومعلمات المدنيات
في جامعة بار إيلان (الجزيرة نت)
وتقول معلمة من مستوطنة "معاليه أدوميم" إن محاولاتها للتحدث عن التسامح تصطدم دوما بجدران من الرفض، موضحة أن أبناء الشبيبة اليهود يستصعبون جدا التعامل مع جيرانهم العرب بتسامح.
وتشير إلى أن جيل الطلاب في المدارس اليهودية الرسمية الدينية يفضل الصهيونية والدين على الديمقراطية ودروس المواطنة والمدنيات.
وألمح رئيس قسم المدنيات في وزارة المعارف الإسرائيلية آشر كوهن إلى أن الأفكار العنصرية هذه تتنامى أكثر في المدارس الرسمية الدينية التي يتخرج منها عادة أبناء المستوطنين.
وردا على سؤال إذاعة جيش الاحتلال، أوضح كوهن اليوم أن الطالب يغلب الأفكار التي يستقيها من البيت ومن مدرسته، حينما تتناقض وقيم الديمقراطية المقدمة في دروس المواطنة.
مسؤولية الوزارةوحمل الباحث إيلي بوديه المختص بدراسة مناهج التدريس الإسرائيلية وزارة المعارف المسؤولية، لأنها تضاعف المضامين اليهودية والصهيونية على حساب المواضيع المدنية.
وردا على سؤال الجزيرة نت، اعتبر بوديه أن تطرف الطلاب اليهود اليوم نتيجة طبيعية لمسيرة تربوية مليئة بالأفكار المسبقة عن العرب، بمضامين "تشيطنهم" وتحرض عليهم في الأدب واللغة والتاريخ وحتى المواطنة.
ويذهب بوديه إلى تأكيد أن مناهج التعليم الإسرائيلية تلعب دورا في تكريس الصراع مع الفلسطينيين منذ عقود.
ويخلص إلى استنتاج مفاده أن كتب التاريخ  والمدنيات تغذي الرواية التاريخية الصهيونية التي تصور اليهود أخيارا مقابل الأشرار العرب، ضمن مساع منهجية لتجهيزهم لمرحلة الخدمة العسكرية بحشدهم ضد العدو العربي.
ويبدي استغربه من شكاوى معلمي المدنيات اليهود، ويوضح أن من يزرع الشوك يحصد الأشواك، محذرا من أن العنصرية والأفكار الفاشية لن تتوقف عند العرب فقط، "بل ستطال الشرقيين والنساء وكل الفئات الشاذة".
جدعون ساعر (وسط) مع بعض قادة وزارته أثناء اجتماع دعا للاهتمام بالمضامين اليهودية (الجزيرة نت)
كما نوه بوديه بأن وزير المعارف الحالي يرعى شخصيا مشروعا سبق أن أقره العام الماضي بالتشديد على المضامين اليهودية الصهيونية حتى داخل المدارس العربية.
وشارك وزير المعارف جدعون ساعر أمس في مؤتمر بمقر الوزارة، وحث المربين والمديرين والمفتشين على الاهتمام بالتربية اليهودية أولا قبل رعاية "الهوية الإسرائيلية".
وهذا ما يحتج الكاتب يورام كانيوك عليه، ويوضح أن التشديد على التربية اليهودية الدينية يعني بناء دفيئة للأفكار العنصرية والفاشية.
الدين والدولة
ويشير كانيوك -في حديث للجزيرة نت- إلى أنه لم يفاجأ بشكاوى معلمي المدنيات، وتابع "أقوم بتدريس المدنيات طواعية في عدة مدارس، وأستطيع القول إن اليهود المتدينين يدمرون حياتنا ويغيرون الشعب اليهودي للأسوأ، بل يشكّلون حاجزا دون التسوية مع الفلسطينيين".
وقد نجح كانيوك أمس باستصدار حكم قضائي غير مسبوق بتسجيله نفسه في سجلات وزارة الداخلية "بلا دين"، وذلك ضمن مساعيه لتحويل الإسرائيليين إلى مجتمع مدني يفصل فيه بين الدين والدولة ويتحرر من وباء العنصرية.
وينفي كانيوك أن تكون الصهيونية سبب العنصرية المتفشية، ويقول إنها كانت دائما علمانية، معتبرا الديانة اليهودية سببا جوهريا للتطرف القومي والديني لدى الإسرائيليين.
يشار إلى أن استطلاعات رأي إسرائيلية متتالية أظهرت في السنوات الأخيرة أن أغلبية ساحقة ترفض مشاركة فلسطينيي الداخل في صناعة القرارات ومجاورتهم، في حين تؤيد أوساط واسعة فكرة تهجيرهم.
ويؤكد قادة فلسطينيو الداخل ما ذكره الباحثان المذكوران، ويحملون الحاخامات والمؤسسة الإسرائيلية الحاكمة مسؤولية إحراق مسجد صفد وتدنيس المقابر الإسلامية والمسيحية في يافا قبل أيام.