السبت، 1 أكتوبر 2011

الطائرات بدون طيار.. مستقبل الحروب


طائرة بريداتور الأميركية في رحلة استطلاع (الفرنسية) 

حظيت الطائرات من دون طيار على شهرة إعلامية واسعة بعد أن أصبحت الوسيلة المفضلة للولايات المتحدة وربما دول أخرى من بينها إسرائيل في تنفيذ عمليات اغتيال أو قصف مبرمجة ضد من يوصفون بالإرهابيين الذين كان آخرهم رجل الدين الأميركي يمني الأصل أنور العولقي الذي قتل داخل الأراضي اليمنية.
واستوحي اسم هذه الطائرة بالإنجليزية (DRONE) من دويّ النحل، أي باستهداف من تريد أينما تريد وفي أي وقت تريد. وهي طائرة توجه عن بعد أو تبرمج مسبقا لطريق تسلكه،  في الغالب تحمل حمولة لأداء مهامها كأجهزة كاميرات أو حتى القذائف.
التاريخ يشير إلى أن
أول التجارب العملية للطائرة من دون طيار شهدتها إنجلترا عام 1915 وقد طورت أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية وفي العام 1935 استخدمت لتدريب قوات المدفعية على استهداف الطائرات ومهاجمة بعض الأهداف المتحركة.
وكانت بداية فكرتها في أميركا عام 1959 بعد زيادة القلق لدى قيادة القوات المسلحة الأميركية من مقتل الكثير من الطيارين في الحرب وتحولت الفكرة إلى التطبيق العملي بعد إسقاط طائرة التجسس الأميركية "يو تو"  فوق روسيا عام 1960 وبعدها بأربع سنوات استخدمت في الميدان لأول مرة في حرب فيتنام.
ولم تعترف الإدارة الأميركية باستخدامها في فيتنام إلا في العام 1973، وهو العام نفسه الذي استخدمت فيه الطائرات من دون طيار في حرب أكتوبر ولكن لم تحقق النتيجة المطلوبة فيها لضعف الإمكانيات في ذلك الوقت.
إسرائيل رائدةأما إسرائيل التي تعد رائدة في مجال تصنيع الطائرات من دون طيار، فبدأت بصناعة هذه الطائرات عام 1973 بعدما كبدت بطاريات الصواريخ السورية في لبنان الطائرات الإسرائيلية خسائر كبيرة.
وفي العام 1983 أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان انقلبت الصورة رأسا على عقب، حيث أسقطت الطائرات الإسرائيلية في معركة سهل البقاع بين سوريا وإسرائيل 82 طائرة سورية.
أما الآن وبعد تطور التقنية الخاصة بهذه الطائرات فقد أصبحت عنصرا رئيسيا في أكبر جيوش العالم وأكثرها تقدما، وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي عدتها خط الهجوم الأول فيما تسميه "الحرب الكونية على الإرهاب".
فواشنطن تستخدم هذه الطائرات "لاصطياد" زعماء القاعدة والمنظمات التي تصنفها إرهابية في مناطق القبائل على الحدود الأفغانية الباكستانية وفي محافظات اليمن الصحراوية وفي الصومال وأقاصي أفريقيا.
ولهذا السبب قامت وكالة الاستخبارات الأميركية بإنشاء شبكة من القواعد لهذا النوع من الطائرات في منطقة القرن الأفريقي وشبه الجزيرة العربية لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة في الصومال واليمن، وحسب مصدر حكومي أميركي فإن واشنطن تشرع في تشييد قواعد جديدة في السعودية وإثيوبيا وجزر سيشلز بالمحيط الهندي.
وهذا الانتشار لقواعد الطائرات من دون طيار الأميركية في طول الكرة الأرضية وعرضها برره مسؤول أميركي رفيع بقوله "إننا لا نعرف شيئا عن زعماء تنظيم القاعدة في أفريقيا، حيث لم يخرج أي شاب من هناك ليقول أنا مستقبل القاعدة"، مؤكدا أنه بعد مقتل بن لادن أي شخص سيأتي "ستكون طائراتنا من دون طيار بانتظاره.
طائرات ذكيةكلام المسؤول الأميركي هذا يؤكد ما نشرته صحيفة أميركية عن الطريق المستقبلي للحروب الأميركية، أن هناك تجارب لتطوير طائرة من دون طيار تستطيع استهداف والتعرف وقتل الأعداء اعتمادا على عمليات حسابية يقوم بها جهاز كمبيوتر وليس وفقا لأوامر من شخص.
يذكر أن القوات الإسرائيلية تستخدم هذا النوع من الطائرات التي يطلق عليها الفلسطينيون "الزنانة" لاستهداف كوادر وعناصر حركات المقاومة في حماس والضفة الغربية كما استخدمت هذه الطائرات على نطاق واسع في حربي إسرائيل على لبنان عام 2006 وغزة عام 2008-2009.
يذكر أن هذه الطائرة التي عرفت بهويتها العسكرية، لديها استخدامات أخرى ذات طبيعة مدنية بينها إطفاء الحرائق، كشف درجة الحرارة والرياح والأعاصير، وإعادة البث لمحطات الإرسال.
ويوجد نوعان من هذه الطائرة من حيث القيادة، الطائرات المتحكم فيها عن بعد، حيث يقع التحكم في الطائرة عن بعد مثل البريداتور، والطائرات ذات التحكم الذاتي وتتمتع بذاتية أكبر في اتخاذ القرارات ومعالجة البيانات.
كما يمكن تقسيم هذه الطائرات حسب المهمات التي تقوم بها، فمنها العسكرية المتخصصة في المراقبة وهي الجزء الأكبر من هذه الطائرات ومنها المقاتلة ومنها ما يمكن استعمالها للغرضين.
وتكون هذه الطائرات في العادة أصغر حجما من الطائرات العادية، وهي تعتمد طرق طيران ودفع مختلفة، فمنها ما يطير بأسلوب المنطاد ومنها ما هو نفاث ومنها ما يدفع عن طريق مراوح.
يذكر أن ثمن ألف طائرة دون طيار تعادل ثمن طائرة أف - 15 "أيجل". كما أن وقود 200 رحلة بطائرة دون طيار يساوى رحلة واحدة بطائرة "أف–4 فانتوم الثانية" لنفس المسافة ولتؤدى نفس المهمة.
أما من حيث تدريب الطيارين، فإن تكلفة تدريب الطيار على الطائرة تورنادو تفوق الأربعة ملايين دولار، أما الطائرات من دون طيار فلا تحتاج لهذا الثمن الباهظ، كما تتطلب ثلاثة أشهر فقط ليصبح المتدرب محترفا عليها.
هذا الاعتماد على الطائرات من دون طيار قال عنه مسؤول أميركي يوما إنه طالما أن مفردة "الحرب الكونية على الإرهاب" تمثل أساس السياسة الخارجية الأميركية فإن استخدام الطائرات من دون طيار سيستمر ويتوسع.